زوّار الأضرحة

المصدر Wikipedia

سمعت تسجيلًا للإعلامي عبدالله راشد المُلقب (أبو راشد) تحدث في إذاعة عجمان عن إحدى الأضرحة في مزرعة من مزارع منطقة الباطنة في عُمان، ذلك الضريح يقصِدُه عدد كبير من الزوّار، حيث يظنون أنه يقضي الحوائج! ويلبي الدّاعِ إذا دعاه! يزوج العانس! ويرزق العاقر! ويوظف العاطل! ويغني الفقير! مثل تلك الأفكار وأكثر بكثير تُعشش في عقول زوار المقابر، ويقوم الزوّار عادة بجلب هدايا ثمينة للمقبور، من بينها العطور، ويدفعون أموال النذور، ويذبحون شاةً قرب الضريح ويطبخونها ويوزعون لحمها على الزوّار!

ضريح مولانا الحمار!

يقول الإعلامي أن هذا الضريح يُذكره بقصة حدثت قديمًا لشخص غريب كان يرتحل على حماره خارجًا من مدينة الشارقة، فمات حماره بالقرب من البحر، فدفن حماره على الشاطئ.. ومع الوقت كل ما مر أحدهم بالقبر دعا للميت أو صلى بجانب القبر، وانتشر بين الناس إشاعة فحواها أن هذا القبر لوليٍ صالح.

اجتمع الناس فترة على هذا القبر إلى أن مر صاحب الحمار مرةً أخرى فسألهم عما يفعلونه عند القبر، فأجابوه أنه قبر ولي من الأولياء الصالحين.. فقال لهم أنه دفن حماره هنا!

ما يدعو للتساؤل هو كيف بدأت هذه الفكرة؟ وكيف انتشرت؟ وكيف تشربها الناس وهم نهوا عن ذلك؟ بل الأعجب كيف ينتظرون من ميت أن يقضي حوائجهم؟! والله ﷻ يقول {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (سورة الأعراف:194).

مقام سيدي العجل!

ضريح سيدي أبو سريع (الشيخ أبو سريع) هي قصة أخرى من قصص الأضرحة المستفزة، يقع هذا الضريح فوق إحدى جبال منطقة العين السخنة في مصر، 40 سنة مرت والزوّار يأتون باستمرار، ينتظرون منه البركة وقضاء الحوائج، شفاء مريض، زواج وأبناء.. أمنيات كثيرة يحملونها فوق ظهورهم متوجهين لهذا القبر.

كانت أموال الزوار تتدفق في صندوق النذور، فحسب تقرير لقناة العاصمة التلفزيونية بلغ دخل هذا الضريح سنويًا مليون جنيه مصري، ومن هنا حدث تنازع بين قبيلتين من قبائل المنطقة، حول أحقية كل منهما برعاية المقام وجمع النذور، أدى ذلك النزاع إلى شجار ومشاكل عويصة بين القبيلتين.

اتجهت القبيلتين إلى جلسة عرفية للفصل بينهما، انتهى التحكيم لنقل المقام إلى مكان آخر، بعيدًا عن القبيلتين. وفي عام 2017م عندما فُتِح الضريح أخيرًا لاستخراج الرفات ونقله، فوجئ الجميع بأنهم لم يجدوا رفات إنسان بل ما وجدوه كان رأس عجل!

في تلك اللحظة تبددت أسطورة الشيخ أبو سريع قاضي الحوائج الذي نُسجت حول بركته الحكايات لقرابة 40 عامًا، وهُدِم بعدها الضريح، والناس تُعلق على الموضوع (شرُ البليةِ ما يُضحك).

هُدم ضريح أبو سريع لكن ماذا عن آلاف الأضرحة التي لا ندري ماذا يوجد بها، والناس تعكف عليها تعبدًا ودعاءً، متى يعي الناس أنهم ضحايا؟ وأن المسؤولين عن الأضرحة هم المستفيد الأول والأخير من جمع النذور؟ ومتى يعون أن الميت لا يجلبُ خيرًا ولا يدفعُ ضرًا؟ يقول الله ﷻ {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} (سورة فاطر:13-15).

اترك تعليقًا